عادةً ما يرافق ظهور التقنيات الجديدة أو عمليات التجميل الحديثة العديد من الأخبار والمعلومات حول المضار أو الأمراض الجانبية التي يمكن أن تسبّبها هذه التقنيات أو العمليات، وهذا ما حدث تمامًا مع ظهور عملية زراعة الشّعر في وقتنا الحالي، حيث انتشرت العديد من المعلومات والتي هي في معظمها مغلوطة وغير صحيحة البتة عن الأمراض الخطيرة التي قد ترتبط بها مثل مرض السرطان، ولهذا سنحاول في هذا المقال دحض ونفي السؤال الذي يتردّد أحيانًا هنا وهناك وهو: هل زراعة الشّعر تسبب السّرطان ؟
هل زراعة الشّعر تسبب السرطان ؟
عندما نتحدث عن زراعة الشّعر والسرطان فإنّ المقصود هنا هو سرطان الجلد، كون عملية الزراعة تتم في جلد الرأس أو فروة الرأس، وبالحديث عن سرطان الجلد لا بدّ من الإشارة إلى نقاط مهمّة هي :
- يعد الجلد من أكبر أعضاء الجسم وهو المسؤول عن عدة وظائف منها: الحفاظ على درجة حرارة الجسم المناسبة وتخزين الماء والأملاح والفيتامينات بالإضافة إلى وقاية الجسم من الحرارة وأشعة الشمس وحمايته من عوامل الخطر المختلفة
- يتكون الجلد من عدة طبقات وخلايا مختلفة وهو من أكثر أعضاء الجسم تعرُّضًا للسرطان نتيجة عوامل ضارة ومختلفة مثل التعرض الطويل لأشعة الشمس وغيرها من العوامل الأخرى حيث ينمو سرطان الجلد بسبب تكاثر خلايا الجلد بشكل غير منتظم وغير طبيعي في الطبقات الخارجية والباطنية
- فيما يتعلق بزراعة الأعضاء بشكل عام وسرطان الجلد فإنّ هناك علاقة قويّة إلى حدٍّ ما بينهما، إذ قد يتأثر الجلد بشكل كبير عند زراعة عضو غريب في الجسم، وربّما هذه العلاقة هي التي جعلت العديد من الأشخاص يربطون بين زراعة الشّعر وإمكانية الإصابة بسرطان الجلد ولكن في الحقيقة الأمر ليس كذلك
عند الحديث عن زراعة الشّعر وعمليات زرع الأعضاء فلا بدّ من التذكير بنقطتين في غاية الأهمية هما:
أوّلًا: تُعرف عمليات زراعة الأعضاء على أنّها نقل عضو غريب من جسم غريب إلى جسم الشخص، أي أنّ عملية النقل تمّت بين جسمين يختلفان تمامًا عن بعضهما البعض من حيث الطبيعة الحيويّة والفسيولوجيّة والبيولوجية بينما لا تعتمد عملية زراعة الشّعر على نقل أي عضو غريب من جسم آخر إلى جسم الشخص الذي يود إجراء عملية الزراعة، بل إنّها تتم من خلال نقل شعر من المنطقة المانحة (التي تحتوي على شعر كثيف) إلى مناطق الصّلع والفراغ، أي أنّ العملية تحدث في نفس إطار الجسم ولا تخرج عنه
ثانيًا: لا يُعتبر الشّعر عضو كبقيّة الأعضاء إذ يعرّف عادةً على أنّه زوائد بروتينية تنمو على الجسم حاملة معها بعض المواد الضارة كنوع من أنواع الوقاية والحماية، وبالتّالي فإنّ العضو بطبيعته الوظيفيّة والتركيبيّة تختلف عن الشّعر ولذلك لا يمكن المقارنة بينهما من حيث ردّة فعل الجسم والجهاز المناعي
أثبتت الدّراسات أنّ عمليات زراعة الشّعر عمليات آمنة تمامًا حتّى على مستوى الأعراض الجانبية غير المرضيّة فهي من النادر جدًّا أن تسبب أي أمراض أو أثار ضارة خصوصًا وأنّ عملية زراعة الشّعر ليست عملية جراحيّة بل هي عملية بسيطة تتم بواسطة تقنيّات حديثة ومتطورة جدًّا وبالتّالي فإنّ الطبيب لا يتعامل مع الأعضاء الداخلية للجسم وإنّما تتم فقط في طبقات الجلد الخارجيّة والوسطى
أيضًا هناك الكثير من الإجراءات البحثية التي جرت على عمليات زراعة الشّعر بعد ظهورها، وقد أثبتت جميعها عدم وجود أي علاقة بين زراعة الشّعر أو الحواجب أو الذقن وبين الإصابة بمرض السرطان، إذ لم يتم تسجيل أي حالة أصيبت بسرطان الجلد بعد إجراء عمليات زراعة الشعر المختلفة